زود احساسك بالجمال |
*إن الله ﺟﻤﻴﻞ ﻳﺤﺐ اﻟﺠﻤﺎل*
وﺻﻮر اﻟﺠﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﻜﻮن واﻟﺤﻴﺎة، دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة اﷲ وﻋﻈﻤﺘﻪ وحكمته، واﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻓﻲ مبادىء اﻟﺴﻤﺎء، ﺗﺮمز إﻟﻰ ﻧﻮاٍح ﺟﻤﺎﻟﻴﺔمثلي، ﻷﻧﻬﺎ ﻳﻨﺒﻮع اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺒﺸﺮ ﻓﻲ كل زمان ومكان، ﻓﺎﻟﺨﻴﺮ واﻟﻔﻀﻴﻠﺔ، واﻟﺤﺐ واﻟﺼﺪق، واﻟﻌﺪل والرحمة، والتآخي واﻟﺒﺮ، واﻟﻄﻬﺮ واﻟﻌﻔﺎف، وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ من الأمور الايجابية اﻟﺒﻨﺎءة، اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻸ اﻟﻘﻠﺐ بالرضي واﻟﺴﺮور، هي ﻓﻲ مجموعها ﺟﻤﺎع اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ والاخروية، هي ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﺠﻤﺎل اﻟﻤﻌﻨﻮي اﻟﺬي ﻻ حدود ﻟﻪ..
واﺗﺴﺎق اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﺤﻴﺔ والجامدة، وامتداد اﻟﺴﻤﺎء بصفائها وسحبها وامطارها، وﺗﺪﻓﻖ اﻷﻧﻬﺎر واﻟﺒﺤﺎر مما ﺗﺤﻮﻳﻪ من ﻧﻌﻢ، وﺗﻨﻮع اﻟﻤﺰروﻋﺎت واﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت واﻟﻄﻴﻮر ثم اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻜﻮن بدونها أﻳﺔ حياة، وﺗﻌﺎﻗﺐ اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر وغيرهما ﺗﻨﺒﺾ بما ﻻ ﻳﻤﻜﻦ وﺻﻔﻪ أو اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻨﻪ من اﻟﺠﻤﺎل اﻟﻤﻌﺠﺰ..
ﻟﻜﻦ _ﻟ ﺤﻜﻤﺔ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ اﷲ _ هناك من ﻟﻬﻢ أﻋﻴﻦ ﻻ ﻳﺒﺼﺮون بها، وﺁذان ﻻ ﻳﺴﻤﻌﻮن بها، وﻗﻠﻮب ﻻ ﻳﻔﻘﻬﻮن بها، إﻧﻬﻢ كالانعام بل هم اضل، وﻗﺪ دﻋﺖ اﻵﻳﺎت اﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ إﻟﻰ تأمل هذا اﻟﻜﻮن، واكتشاف روﻋﺔ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ واﻟﺘﻨﺴﻴﻖ واﻟﺠﻤﺎل ﻓﻴﻪ، حتي ﻳﺰداد اﻹﻧﺴﺎن إﻳﻤﺎﻧًﺎ وﻳﻘﻴﻨًﺎ، وﻳﺴﻌﺪ بتلك اﻟﺜﺮوة اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻤﺮ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻜﻮن ﻓﻲ كل موقع ( وإن ﺗﻌﺪوا ﻧﻌﻤﺔ اﷲ ﻻ تحصوها).
وﺗﺬوق اﻟﺠﻤﺎل واﻟﻴﻘﻴﻦ من أﻋﻈﻢ ﻧﻌﻢ اﷲ، وﻗﺪ رمز إﻟﻴﻬﺎ احد اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ بقوله " إن بين ﺟﻨﺒﻲ من اﻟﻠﺬة، ما ﻟﻮ ﻋﻠﻤﻬﺎ اﻟﻤﻠﻮك ﻟﻘﺎﺗﻠﻮﻧﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ بالسيوف."
وﺗﻤﺜﻞ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ واﻟﺸﺮ واﻟﻔﺴﺎد واﻟﻈﻠﻢ والاستغلال واﻟﻐﻔﻠﺔ واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ مبادئ اﻟﺴﻤﺎء، مثل ﺻﻮرة بشعة ﻟﻠﻘﺒﺢ اﻟﺬي ﻳﻀﺎد اﻟﺠﻤﺎل.. واﻷدب _ كفن ﺟﻤﻴﻞ _ إذا ما سار ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻬﺞ اﻟﺴﻠﻴﻢ، وروﻋﻴﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ شكلاً ومضمونا، اوحي إﻟﻰ اﻟﻘﺎرىء بصور ﻟﻠﺠﻤﺎل متنوعة مؤثرة، ﻓﺎﻟﻘﺼﺔ بما ﻓﻴﻬﺎ من أحداث وشخصيات وﺗﻨﺴﻴﻖ وﻗﻴﻢ وﺗﺸﻮﻳﻖ، ﺗﺨﻠﺐ ﻟﺐ اﻟﻄﻔﻞ، ﻓﻲ كل زمان ومكان، وﺗﺠﻌﻠﻪ ﻳﺸﻌﺮ بالمتعة والرضي واﻹﺋﺘﻨﺎس، وﺗﻤﺪﻩ بالمعرفة واﻟﺨﺒﺮة، ﻓﻴﺴﺘﺸﻌﺮ ﺗﻠﻚ "اﻟﻠﺬة "ومغرياتها الروحية اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻮق ﻓﻲ روﻋﺘﻬﺎ ماديات اﻟﺤﻴﺎة ...
إن ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﺘﺬوق اﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻟﺪى اﻟﻄﻔﻞ، ﻟﻪ وثيق اﻟﺼﻠﺔ بسلوكه اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ، وحكمه ﻋﻠﻰ الأمور ، واﺗﺨﺎذﻩ ﻟﻠﻤﻮاﻗﻒ المؤثرة ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة، سوف ﻳﺸﻐﻒ بكل ما هو ﺟﻤﻴﻞ.
وسوف ﻳﺄﻧﻒ من كل ﻗﺒﻴﺢ أو بشع... ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﺠﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻟﻔﻌﻞ اﻟﺨﻴﺮ، واﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺸﺮ، وسوف ﺗﺘﻜﻮن ﻓﻲ ضميره وﻋﻘﻠﻪ ﺟﺬور راسخة ﻟﻠﻘﻴﻢ الفاضلة، ﻷﻧﻪ حريص _ بتكوينه _ ﻋﻠﻰ الاستمتاع بما ﻓﻴﻪ من الخير وحسن ﻋﺎﻗﺒﺔ، وستكون وسيلة لارضاء ربه، واستقامة امره، وخدمة مجتمعه، وﻟﺴﻮف ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮد من حوله ﻧﻈﺮة ﺗﻌﻤﻖ وﻓﻬﻢ وﺗﺬوق وتأمل ، وﻳﺒﻬﺮ بما لله من ﻗﺪرة وﻋﻈﻤﺔ، وﺗﺘﺮﻋﺮع ﻓﻲ داخله ازاهير اﻟﺤﺐ واﻟﺒﻬﺠﺔ واﻟﻨﻘﺎء...
إن اﻟﻄﻔﻞ ﻳﻨﺰﻋﺞ أﻳﻤﺎ اﻧﺰﻋﺎج وهو ﻳﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﻗﺼﺺ البشاعة واﻟﻘﺴﻮة أو يقرأها ، وﻗﺪ ﻳﻤﻠﺆﻩ اﻟﺨﻮف واﻟﺬﻋﺮ، ﻓﻴﻠﺠﺄ إﻟﻰ من حوله ﻟﻴﺤﺘﻤﻲ بهم، وﺗﻔﺰﻋﻪ مشاهد الدماء واﻟﻘﺘﻞ واﻟﻈﻠﻢ اﻟﻔﺎدح، وﺗﻄﺎردﻩ الكوابيس ﻓﻲ نومه، وﺗﺘﻠﻮن ﻧﻈﺮﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﺤﻴﺎة بلون ﻗﺎﺗﻢ مخيف محزن، وﻟﻬﺬا ﻓﺈن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺘﺒﻮن ﻟﻸﻃﻔﺎل، ﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﻐﺮﻗﻮا ﻓﻲ مثل ﺗﻠﻚ المشاهد والأحداث اﻟﻤﺮﻋﺒﺔ، بحجة أن اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺸﺮ، وﻓﻴﻬﺎ اﻟﻘﺒﺢ واﻟﺠﻤﺎل، واﻟﻈﻠﻢ واﻟﻌﺪل.
إن اﻹﻧﺤﻴﺎز إﻟﻰ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺨﻴﺮة اﻟﻤﺸﺮﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة امر حيوي بالنسبة ﻷدب اﻷﻃﻔﺎل، وﻻ بأس من الاشارة بطريقة عابرة ﻏﻴﺮ ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻟﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﻤﻞ ﻓﻲ أحداث اﻟﺤﻴﺎة من اﻧﺤﺮاﻓﺎت وخطأ حتي ﻻ ﻳﺨﺪع اﻟﻄﻔﻞ، وﻳﻜﺘﺸﻒ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ أﻧﻨﺎ خدعناه، هذا هو الاسلوب الامثل ﻓﻲ ﺗﺼﻮﻳﺮ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻨﺎس ﻟﻠﻄﻔﻞ، كما ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ أن ﻳﻠﻤﺢ إﻟﻰ أن اﻟﺸﺮ ﻋﺎﻗﺒﺘﻪ وخيمة، وأن اﻟﺨﻴﺮ ﻳﻔﻀﻲ إﻟﻰ اﻟﺴﻌﺎدة واﻟﻔﻼح ورضي ﷲ واﻟﻨﺎس.
واﻟﻄﻔﻞ أﻗﺮب إﻟﻰ ﺗﺬوق اﻟﺠﻤﺎل من اﻟﻜﺒﺎر، ﻓﻘﺪ ﻳﺮى اﻟﺠﻤﺎل ﻓﻲ ﻗﻄﻌﺔ من اﻟﺤﺪﻳﺪ اﻟﺼﺪىء، أو دمية ﺻﻐﻴﺮة، أو زﺟﺎﺟﺔ ﻓﺎرﻏﺔ.
ان الله جميل يحب الجمال
ردحذفونعم بالله
حذفجميل
ردحذف